26 - 06 - 2024

تباريح | القضاء المهان

تباريح | القضاء المهان

(أرشيف المشهد)

10-3-2013 | 21:37

أبشع ما أفرزته ثورة 25 يناير هو الضغط الجماهيري على القضاء.. أقول ذلك وأنا واحد من نفر قليلين دعوا إلى الثورة منذ عقود، وربما من قبل أن يولد هذا الجيل الثائر الذي لم يعد يفرق بين الرغبة في إحقاق الحق والفوضى المدمرة.

بدعة الضغط على القضاء ابتدعها الإسلاميون بعد الثورة .. أنصار أبو اسماعيل وأنصار جماعة الإخوان ، فبدأ حصار مجلس الدولة وحشد عشرات الآلاف بالأتوبيسات من المحافظات للمبيت أمام مبناه ، تطور الأمر شيئا فشيئا وأصبح يتعدى ذلك إلى اقتحام المجلس ودخول قاعات المحاكم والاشتباك مع القضاة والمحامين وإرهابهم والاعتداء البدني عليهم .

تبع ذلك حصار مبنى النيابة في مدينة نصر لدى القبض على أحد قيادات "حازمون" وتحويله للنيابة بتهمة حيازة سلاح غير مرخص ، وليلتها أصر المحتشدون على أن يخرج نصير أبو اسماعيل بالإكراه من النيابة وألا يبيت ليلته فيها .

استجابة القضاة والنيابة لهذا النوع من الضغوط الممجوجة شجع على التمادي ، فكان الحصار المرير لمبنى المحكمة الدستورية على يد أنصار التيار الحاكم ، وكانت الضغوط المهولة في قضية مذبحة بور سعيد والتهديد بحرق البلاد ، وصدرت أحكام بالإعدام .. وهذه الأحكام حتى لو كانت عادلة فإنها تظل مشوبة بالبطلان مما فرخ أزمة أخرى أنجبت عشرات الشهداء في بور سعيد ، وخلفت دوامة من العنف والفوضى وعدم الاستقرار لم تحدث في أسوأ عصور مصر.

مامعنى أن يمارس فصيل أو جماعة الضغط على القضاء ، وإذا كنا سنضغط وننتزع أحكاما بالإكراه ، فلماذا نرتضي القضاة حكما من الأصل ، ولماذا لا نحكم شريعة الغاب على أصولها ، فيأكل القوي الضعيف ، ويفرض من يملك سلاح البلطجة إرادته على المجتمع.

من يرعى مجموعات الألتراس ؟ ولماذا صدرت تعليمات رئاسية بعدم التعرض لها ؟؟ من يشجعها على أفعالها وتصرفاتها ، فتحرق مقار الصحف وتقطع خطوط المترو وتحتشد أمام المحاكم لإكراه القضاة على إصدار ماتراه من أحكام ، وتهدد وتتوعد دون رادع ؟ وإذا كانت الدنيا قامت ولم تقعد مع مجموعة "بلاك بلوك" مع أنها لم ترتكب جرائم كالتي ارتكبتها مجموعات الألتراس ، فلماذا لا يتم التعامل معها قضائيا بالمثل.

أخشى أن تتحول مجموعات الألتراس إلى جماعة ضغط  تجبر المجتمع على الصمت والتواطؤ على ممارساتها وأفعالها، فالسلطة المترنحة تخشاها والقضاء يخضع لابتزازها ، والأحزاب المدنية والقوى الثورية تراها قوة منظمة لا تريد الدخول في تناقض معها ، والإعلام لايملك الحماية اللازمة للوقوف في وجهها . هل نتساءل بعد شهور أو سنوات نفس سؤال بول فندلي :"من يجرؤ على الكلام" ؟؟

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان